قراءة اليوم من كتاب: إرميا
فصل 13
27 قَدْ شَهِدْتُ عَلَى التِّلالِ فِي الْحُقُولِ فِسْقَكِ وَحَمْحَمَةَ فُجُورِكِ وَعَهْرَ زِنَاكِ. وَيْلٌ لَكِ يَا أُورُشَلِيمُ. إِلَى مَتَى تَظَلِّينَ غَيْرَ طَاهِرَةٍ؟»
فصل 14
القحط والجوع والسيف
1 هَذِهِ كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتِي أَوْحَى بِها إِلَى إرْمِيَا بِشَأْنِ الْقَحْطِ:
2 «أَرْضُ يَهُوذَا تَنُوحُ وَأَبْوَابُهَا وَاهِيَةٌ. أَهْلُهَا يَنْدُبُونَ مَطْرُوحِينَ إِلَى الأَرْضِ، وَعَوِيلُ أُورُشَلِيمَ قَدْ صَعِدَ إِلَى الْعُلَى.
3 أَرْسَلَ أَشْرَافُهُمْ خُدَّامَهُمْ لِيَحْمِلُوا إِلَيْهِمِ الْمَاءَ، فَأَقْبَلُوا إِلَى الْجِبَابِ وَإذَا بِها فَارِغَةٌ مِنَ الْمَاءِ، فَرَجَعُوا بِجِرَارٍ خَاوِيَةٍ وَقَدِ اعْتَرَاهُمُ الْخِزْيُ وَالْخَجَلُ وَغَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ.
4 خَزِيَ الْفَلاحُونَ وَغَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ تَشَقَّقَتْ لاِنْقِطَاعِ الْمَطَرِ عَنْهَا.
5 حَتَّى الإِيَّلُ فِي الصَّحْرَاءِ قَدْ هَجَرَتْ وَلِيدَهَا لِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْكَلَأ.
6 وَقَفَتِ الْفِرَاءُ عَلَى الرَّوَابِي وَتَنَسَّمَتِ الرِّيحَ كَبَنَاتِ آوَى فَكَلَّتْ عُيُونُهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْعُشْبِ».
7 وَإِنْ تَكُنْ آثَامُنَا تَشْهَدُ عَلَيْنَا يَا رَبُّ، فَلأَجْلِ اسْمِكَ خَلِّصْنَا، لأَنَّ مَعَاصِيَنَا كَثُرَتْ وَقَدْ أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ.
8 يَا رَجَاءَ إِسْرَائِيلَ وَمُخَلِّصَهُ فِي وَقْتِ الضِّيقِ، لِمَاذَا تَكُونُ كَغَرِيبٍ فِي الأَرْضِ، وَكَعَابِرِ سَبِيلٍ يَمِيلُ لِيَبِيتَ ثُمَّ يَمْضِي؟
9 لِمَاذَا تَكُونُ كَالرَّجُلِ الْمُتَحَيِّرِ وكَجَبَّارٍ يَعْجِزُ عَنِ الْخَلاصِ؟ وَأَنْتَ يَا رَبُّ قَائِمٌ فِي وَسَطِنَا، وَبِاسْمِكَ دُعِينَا، فَلا تَتْرُكْنَا.
10 وَهَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ لِهَذَا الشَّعْبِ: «لَشَدَّ مَا أَحَبُّوا التَّجَوُّلَ وَلَمْ يَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّرِّ، لِذَلِكَ لَا يَقْبَلُهُمُ اللهُ. وَالآنَ يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ».
11 وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «لا تُصَلِّ لِخَيْرِ الشَّعْبِ.
12 وَإِنْ صَامُوا فَلَنْ أَسْتَجِيبَ إِلَى صُرَاخِهِمْ، وَإِنْ قَرَّبُوا مُحْرَقَاتٍ وَتَقْدِمَاتِ دَقِيقٍ فَلَنْ أَتَقَبَّلَهَا، وَلَكِنِّي أُفْنِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ وَالْوَبَاءِ».
13 ثُمَّ قُلْتُ: «آهِ أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، هَا الأَنْبِيَاءُ الْكَذَبَةُ يَقُولُونَ لَهُمْ: لَنْ تَتَعَرَّضُوا لِلسَّيْفِ وَلا لِلْجُوعِ، بَلْ أُنْعِمُ عَلَيْكُمْ بِسَلامٍ مُحَقَّقٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ».
14 وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَتَنَبَّأُونَ زُوراً بِاسْمِي وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلَمْ آمُرْهُمْ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُمْ، إِنَّمَا هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ بَاطِلَةٍ مُسْتَوْحَاةٍ مِنْ ضَلالِ قُلُوبِهِمْ.
15 لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ عَنْ هَؤُلاءِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِاسْمِي: مَعَ أَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَنْ تُبْتَلَى هَذِهِ الأَرْضُ بِسَيْفٍ وَلا مَجَاعَةٍ، لِهَذَا فَإِنَّ هَؤلاءِ الأَنْبِيَاءَ يَفْنَوْنَ بِالسَّيْفِ وَالْمَجَاعَةِ.
16 وَيَغْدُو الشَّعْبُ الَّذِي يَتَنَبَّأُونَ لَهُ، مَطْرُوحاً صَرِيعاً فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ فَرِيسَةَ الْجُوعِ وَالسَّيْفِ، وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُهُمْ هُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَأَصُبُّ شَرَّهُمْ عَلَيْهِمْ».
17 وَقُلْ لَهُمْ هَذَا الْكَلامَ: «لِتَذْرِفْ عَيْنَايَ دُمُوعاً لَيْلاً وَنَهَاراً، وَلا تَكُفَّا أَبَداً لأَنَّ أُورُشَلِيمَ سُحِقَتْ سَحْقاً عَظِيماً بِضَرْبَةٍ أَلِيمَةٍ جِدّاً.
18 إِنْ خَرَجْتُ إِلَى الْحُقُولِ أَشْهَدُ قَتْلَى السَّيْفِ، وَإِنْ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ أَرَى ضَحَايَا الْمَجَاعَةِ. وَهَا النَّبِيُّ وَالْكَاهِنُ كِلاهُمَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَرْضٍ لَا يَعْرِفَانِهَا».
19 هَلْ تَنَكَّرْتَ لِيَهُوذَا كُلَّ التَّنَكُّرِ؟ وَهَلْ كَرِهَتْ نَفْسُكَ صِهْيَوْنَ؟ مَا بَالُكَ قَدِ ابْتَلَيْتَنَا بِضَرْبَةٍ لَا شِفَاءَ مِنْهَا؟ وَقَدْ طَلَبْنَا السَّلامَ فَلَمْ نَحْظَ بِالْخَيْرِ. رَجَوْنَا وَقْتَ الشِّفَاءِ وَإذَا بِنَا نَلْقَى الرُّعْبَ.
20 نَحْنُ نُقِرُّ بِشَرِّنَا يَا رَبُّ وَبِآثَامِ آبَائِنَا، لأَنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ.
21 لَا تَرْفُضْنَا مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ وَلا تَهِنْ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ. اذْكُرْ عَهْدَكَ مَعَنَا وَلا تَنْقُضْهُ.
22 هَلْ بَيْنَ أَصْنَامِ الأُمَمِ الْبَاطِلَةِ مَنْ يَمْطُرُ؟ أَوْ هَلْ تَسْكُبُ السَّمَوَاتُ بِنَفْسِهَا وَابِلَ الْغَيْثِ؟ أَلَسْتَ أَنْتَ الرَّبَّ إِلَهَنَا؟ إِنَّنَا إِيَّاكَ نَرْجُو لأَنَّكَ أَنْتَ صَنَعْتَ هَذِهِ جَمِيعَهَا.
فصل 15
1 ثُمَّ قَالَ لِيَ الرَّبُّ: «وحَتَّى لَوْ مَثَلَ مُوسَى وَصَمُوئِيلُ أَمَامِي، مِنْ أَجْلِ الشَّعْبِ فَإِنَّ قَلْبِي لَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ. اطْرَحْهُمْ مِنْ مَحْضَرِي فَيَخْرُجُوا.
2 وَعِنْدَمَا يَسْأَلُونَكَ: إِلَى أَيْنَ نَذْهَبُ؟ أَجِبْهُمْ: هَذَا مَا يُعْلِنُهُ الرَّبُّ: مَنْ هُوَ لِلْوَبَأِ فَبِالْوَبَأِ يَمُوتُ، وَمَنْ هُوَ لِلسَّيْفِ فَبِالسَّيْفِ يُقْتَلُ، وَمَنْ هُوَ لِلْمَجَاعَةِ فَبِالْمَجَاعَةِ يَفْنَى، وَمَنْ هُوَ لِلسَّبْيِ فَإِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ.
3 وَأَعْهَدُ بِهِمْ إِلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنَ الْخَرَابِ يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفِ لِلذَّبْحِ، وَالْكِلابِ لِلتَّمْزِيقِ، وَطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الأَرْضِ لِلاِفْتِرَاسِ وَالإِهْلاكِ.
4 وَأَجْعَلُهُمْ مَثَارَ رُعْبِ أُمَمِ الأَرْضِ نَتِيجَةً لِمَا ارْتَكَبَهُ مَنَسَّى بْنُ حَزَقِيَّا فِي أُورُشَلِيمُ.
5 فَمَنْ يَعْطِفُ عَلَيْكِ يَا أُورُشَلِيمُ، وَمَنْ يَرْثِي لَكِ؟ مَنْ يَتَوَقَّفُ لِيَسْأَلَ عَنْ سَلامَتِكِ؟
6 قَدْ رَفَضْتِنِي» يَقُولُ الرَّبُّ، «وَوَاظَبْتِ عَلَى الارْتِدَادِ، لِذَلِكَ مَدَدْتُ يَدِي ضِدَّكِ وَدَمَّرْتُكِ، إِذْ سَئِمْتُ مِنْ كَثْرَةِ الصَّفْحِ عَنْكِ.
7 وَأُذَرِّيهِمْ بِالْمِذْرَاةِ فِي أَبْوَابِ مُدُنِ الأَرْضِ؛ وَأُثْكِلُ وَأُهْلِكُ شَعْبِي لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الأَثِيمَةِ.
8 وَأَجْعَلُ عَدَدَ أَرَامِلِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ رَمْلِ الْبَحْرِ، وَأَجْلِبُ فِي الظَّهِيرَةِ مُهْلِكاً عَلَى أُمَّهَاتِ الشُّبَّانِ، وَأُوْقِعُ عَلَيْهِمِ الرُّعْبَ وَالْهَوْلَ بَغْتَةً.
9 ذَبُلَتْ وَالِدَةُ السَّبْعَةِ الأَبْنَاءِ. أَسْلَمَتْ رُوحَهَا وَغَرَبَتْ شَمْسُ حَيَاتِهَا وَالنَّهَارُ لَمْ يَغِبْ بَعْدُ. لَحِقَ بِها الْخِزْيُ وَالْعَارُ. أَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَأَدْفَعُهُمْ إِلَى حَدِّ السَّيْفِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ»، يَقُولُ الرَّبُّ.
10 وَيْلٌ لِي يَا أُمِّي لأَنَّكِ أَنْجَبْتِنِي لأَكُونَ إِنْسَانَ خِصَامٍ وَرَجُلَ نِزَاعٍ لِكُلِّ الأَرْضِ. لَمْ أَقْرِضْ وَلَمْ أَقْتَرِضْ. وَمَعَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ يَلْعَنُنِي.
11 دَعْهُمْ يَشْتِمُونَ يَا رَبُّ. أَلَمْ أَتَضَرَّعْ إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ خَيْرِهِمْ؟ إِنِّي أَبْتَهِلُ إِلَيْكَ الآنَ مِنْ أَجْلِ أَعْدَائِي فِي وَقْتِ الضِّيقِ وَالْمِحْنَةِ.
12 «أَيُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكْسِرَ حَدِيداً وَنُحَاساً مِنَ الشِّمَالِ؟
13 سَأَجْعَلُ ثَرْوَتَكَ وَكُنُوزَكَ نَهْباً بِلا ثَمَنٍ بِسَبَبِ كُلِّ خَطَايَاكَ فِي جَمِيعِ أَرْضِكَ.
14 وَأُصَيِّرُكَ عَبْداً لأَعْدَائِكَ فِي أَرْضٍ لَا تَعْرِفُهَا، لأَنَّ نَاراً قَدِ اضْطَرَمَتْ فِي احْتِدَامِ غَضَبِي، سَوْفَ تُحْرِقُكُمْ».
15 يَا رَبُّ، أَنْتَ عَرَفْتَ. اذْكُرْنِي وَارْعَنِي وَانْتَقِمْ لِي مِنْ مُضْطَهِدِيَّ. لَا تَتَمَهَّلْ طَوِيلاً فِي الانْتِقَامِ لِي، فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي مِنْ أَجْلِكَ احْتَمَلْتُ التَّعْيِيرَ.
16 حَالَمَا بَلَغَتْنِي كَلِمَاتُكَ أَكَلْتُهَا فَأَصْبَحَتْ لِي بَهْجَةً وَمَسَرَّةً لِقَلْبِي، لأَنِّي دُعِيتُ بِاسْمِكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَدِيرُ.
17 لَمْ أَجْلِسْ فِي مَجَالِسِ الْعَابِثِينَ، وَلَمْ أَشْتَرِكْ فِي لَهْوِهِمْ. اعْتَزَلْتُ وَحْدِي لأَنَّ يَدَكَ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ مَلأْتَنِي سُخْطاً.
18 لِمَاذَا لَا يَنْقَطِعُ أَلَمِي، وَجُرْحِي لَا يُشْفَى، وَيَأْبَى الالْتِئَامَ؟ أَتَكُونُ لِي كَجَدْوَلٍ كَاذِبٍ أَوْ مِيَاهٍ سَرِيعَةِ النُّضُوبِ؟
19 لِذَلِكَ، هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «إِنْ رَجَعْتَ أَسْتَرِدَّكَ فَتَمْثُلَ أَمَامِي. إِنْ نَطَقْتَ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ وَنَبَذْتَ الْكَلامَ الْغَثَّ، أَجْعَلْكَ الْمُتَحَدِّثَ بِفَمِي، فَيُقْبِلُونَ إِلَيْكَ مُسْتَرْشِدِينَ، وَأَنْتَ لَا تَلْجَأُ إِلَيْهِمْ طَالِباً نَصِيحَةً.
20 وَأَجْعَلُكَ سُوراً نُحَاسِيًّا مَنِيعاً لِهَذَا الشَّعْبِ، فَيُحَارِبُونَكَ وَلَكِنَّهُمْ يُخْفِقُونَ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ وَأُخَلِّصَكَ.